مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً
العارف بالله سيدي الشيخ
محمد الحافظ التجاني
(1315 هـ - 1398 هـ)
شيخ المحدثين في عصره العالم الزاهد
حجة أهل زمانه المحدث الفقيه
نسبه ومولده :
هو( رضى الله عنه )
المحدث الشيخ محمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم.
ولد
عام خمسة عشر وثلاثمائة و ألف هجرية في ربيع الثاني في بلدة كفر قورص مركز أشمون بإقليم المنوفية
من أعمال الديار المصرية.
نسبه..
وهو شريف حسيني من جهة أبيه،
يتصل نسبه بسيدنا الحسن من جهة جدته لأبيه :
فأنها من آل سيدي الشيخ سليم السباعي صاحب المسجد المعروف بالسبتية بمصر القاهرة،
أما أمه فمن بنى رزاح فصلة سيد عمر بن الخطاب من بنى عدى بن كعب وأمها شريفة من آل الخطيب النازلين ببني رزاح.
نشأته :
يقول الشيخ محمد عال بن فتى شيخ الإسلام بموريتانيا :
لقد نشأ شيخنا الحافظ بين أبوين كريمين عفيفين حريصين على تربيته وتعليمه أحسن تربيه وتعليم،
وقد ظهر عليه أثر ذلك ولله الحمد،
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه.
وهل ينبت الخطي إلا وشيجة... وتغرس إلا في منابتها النخل
كان يعيش متواضعاً زاهداً لا يمتاز عن جلسائه ومريديه،
يجلس ولا مجلس، يدخل على الأمراء بلباسه الذي يلبسه مع الفقراء لا يتصنع لأحد بالغاً ولا تأخذه في الله لومة لائم،
لا يقر على مكر، ولا يتواضع لغنى لغناه،
ولا يقبل الهدية إلا ممن علم صدقه ويكافئه عليها تأسياً بجده
فإنه كان يقبل الهدية ويكافئ عليها ولما في ردها من كسر خاطر مهديها،
وهو لا يقابل أحداً بما يسوئه، وهو من حسن الخلق والكرم بالمكانة آلتي لا تدرك.
لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ما أنفقت شماله.
متأدب بآداب السنة مجانب كل بدعة وضلالة،
ولا يظن كل أصحابه انه أحب إليه من غيره ويبش في وجوههم كلهم. يرحم صغيرهم ويوقر كبيره ويعظمهم بالمواعظ آلتي تنشق لها الحجارة
لأن كل قول يخرج عليه كسوة القلب الذي خرج منه
فما خرج من القلب بصدق نية دخل القلب وما خرج من اللسان لا يجاوز الآذان أ هـ.
ملبسه :
حسن الهندام سليم الذوق جميل المنظر نظيف ظريف
معتم بعمامة بيضاء كانه تاج الوقار قد لفها فوق رأسه ودار بطرفها تحت الحنك وأرسلها وراءه وارخى طرفها وسدلها بين كتفيه كالمغاربة وهو السنة.
يقول الحاج عبد الله ناوى
وسمعت منه ان عمامته تشبه عمامة ركاب الخيل وهى أنسب للجهاد أ هـ.
روى أن الرسول صلى الله عليه وسلم
عمم بيديه سيدنا عبد الرحمن بن عوف وسدلها بين كتفيه حدثني الشيخ عبد الحفيظ عثمان :
سألته عن عمامة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فقال لي عمامتنا أشبه بعمامة الشيخ .
وقد وجدت في كتب السيرة ما يؤيد ذلك.
ولقد شهد له العدو على غير قصد منه بكثرة الأعوان وهذه كرامة جلية واضحة لأن (الله تعالى)
إذا أحب عبداً سخر له من ينشر ذكره ومآثره طوعاً أو كرها بقصد منه وبلا قصد فأي ضلال لأي بهتان بعد ما تبين الحق بأجلى بينا
(وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)
ورغم إنكار المنكرين واعتراض المعترضين على الشيخ
وكل يجود بما عنده
فالشيخ لا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح وراثة محمدية وهداية ربانية.
اشتغاله بالعلم :
حبب إليه الاشتغال بطلب العلم منذ نعومة أظفاره ،
فقرأ القرآن الكريم واللغة والتفسير والفقه والحديث والأصول وغيرها على كبار علماء عصره،
وصحب الكثيرين من العلماء وكان يلازم العالم حتى يحصل على كل ما معه من العلم
ويدخل مكتبته فلا يخرج منها إلا بعد أن يقرأ جميع ما فيها مما لم يسبق له قراءته.
وقد وهبه الله - فضلاً منه - ذاكرة عجيبة وحافظة واعية على شدة ذكاء
فكان لا يسمع شيئاً ولا يقرأ شيئاً إلا حفظه ووعاه
كأنما أورثه الله حال سيدنا أبى هريرة :
يقول سيدنا أبى هريرة قلت
يا رسول الله إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه.
قال : أبسط رداءك. فبسطته
قال : فغرف بيديه ثم قال : ضمه. فضممته،
فما نسيت شيئاً بعده رواه البخاري ومسلم والترمذي.
و أفاض (الله) عليه من العلم اللدني ما أفاضه على أكابر أوليائه وهو فى سنة المبكرة ،
وحدثنا الشيخ إبراهيم المرسى رحمه الله
أن أحد السادة العلماء من أساتذة الأزهر الشريف
وهو الشيخ محمد المصيلحي خليل
إمام وخطيب مسجد الأمير الماس الحاجب بالحليمة الجديدة
كان يجلسه على حجره فى صحن الأزهر ويقول :
من أراد أن يسأل عن شئ فليسأل هذا الفتى الصغير.
فيفيض (الله) عليه من العلوم ما تقر به أعين السادة العلماء والطلاب مع اندهاشهم من سعة علمه مع صغر سنه أ هـ.
وكان من حرصه فى البحث عن كتب السنة،
أنه إذا رأى فى اى مكتبة مخطوطاً من المخطوطات النادرة فإنه يحرص على اقتنائها إما بنقلها أو بتصويرها مهما كلفه ذلك من جهد ومال. ويحاول أن يطبع ما يستطيع طبعه منها.
فقد زار في عام 1325 هـ مكتبة عكا بمسجد الجزار ووجد بها مجموعة أثرية عجيبة نادرة للحافظ ابن أبي لدنيا رحمه الله تعالى، كتبت في القرن السادس الهجري.
فطلبها من صاحب الفضيلة مفتى عكا وقاضيها الشرعي شيخ الديار الفلسطينية وعالهما الأوحد
الشيخ عبد الله الجزار
لينقلها ويسعى في طبعها فأذن له ونقلها
واطلع عليها بعض السادة علماء السنة المحمدية وأعجبوا بها و أشاروا عليه أن يقدمها لدار الكتب بمصر ليحتفظوا لديهم بنسخة منها تؤخذ بالتصوير الشمسي، فقدمها إليهم على أن تكون له نسخة أخرى منها، فتم ذلك،
وحاول أن يقوم بطبعها بعض أهل الطباعة، فحالت دون ذلك ظروف، فقام هو بنشر كتاب من هذه المجموعة
وهو كتاب "من عاض بعد الموت".
كما انه وجد كتاب "المطالب العالية فى زوائد المسانيد الثمانية" للحافظ بان حجر، مخطوطاً فى مكتبة المدينة المنورة.
فقام بنسخه واستغرق ذلك مدة أربع سنوات مدة وجوده فى موسم الحج.
وحصل من دار الكتب المصرية على نسخة مصورة من كتاب "الجامع الأزهر" للحافظ المناوي جمع فيه كل ما تيسر له جمعه من أحاديث النبي في وقته.
كان شيخنا يتمنى أن يتيسر له طبع هذا الكتاب خدمة للسنة النبوية المطهرة.
وحقق قسماً من الجامع الكبير للحافظ السيوطي الذي يطبعه الآن مجمع البحوث الإسلامية –
وكتب له مقدمة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتدوينها وترجمة للحافظ السيوطي والتعريف بالجامع الكبير.
ورأى مجمع البحوث أن يطبع الجزء الأول من هذه المقدمة الخاص بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب مستقل وقام فعلاً مجمع البحوث بطبعة والجزء الخاص بترجمة الحافظ السيوطي نشرة في أول أجزاء الجامع الكبير.
وكذلك حقق الأحاديث الضعيفة في سنن الترمذي – ولم يطبع.
وكذلك عمل تحقيقات وتعليقات على
كتاب( مصباح الزجاجة في ضم الزيادة )إلى سنن ابن ماجة للحافظ الأباصيري – ولم تطبع أ هـ.